ثمار الرعاية :
إذ تم لقاء الراعي مع كنيسته فأعلن لها حقيقة مركزها الجديد، أنها "جميلة بين النساء" وطالبها بالجهاد كأحد فرسه في مركبات الخلاص، بدأ يعلن لها ثمر هذا العمل في حياتها، قائلاً لها:
"مَا أَجْمَلَ خَدَّيْكِ بِسُمُوطٍ (كحمامة)[29]،
وَعُنُقَكِ بِقَلاَئِدَ!
نَضَْعُ لَكِ سَلاَسِلَ مِنْ ذَهَبٍ مَعَ جُامَانٍ مِنْ فِضَّةٍ.
مَا دَامَ الْمَلِكُ فِي مَجْلِسِهِ (على مائدته)" [١٠–١٢].
يمكننا أن نلخص ثمار الرعاية في الآتي:
1. يصير لها خدي الحمامة، أي تحمل روح الاتضاع مع العفة.
2. يتزين عنقها بروح الطاعة وخدمة الآخرين.
3. تتمتع بشبه الذهب ومرصعات الفضة، أي الناموس والشريعة، حتى تتمتع بالذهب ذاته أي "إنجيل النعمة" أو "الحياة السماوية".
1. خدي حمامة:
لقد تزين خدي الكنيسة بالسموط أي صفوف الجواهر، إذ حملت في داخلها الروح القدس الذي يملأ حياتها الداخلية، انعكس هذا على وجهها، فحمل ثمر الروح الذي هو الحب والفرح والسلام وطول الأناة واللطف والصلاح والإيمان والتعفف (غل ٥: ٢٢).
جاءت الترجمة السبعينية "ما أجمل خديك كحمامة"... وكأن سرّ جمال وجه الكنيسة هو تمتعها بثمار الروح القدس الذي يظهر على شكل حمامة.
ويعلق العلامة أوريجانوس على هذا النص قائلاً[30]: [إنه لم يقل: "ما أجمل خديك"، بل يقول: "ما أجمل ما صار إليه خديك". لقد أراد أن يوضح بأنهما لم يكونا قبلاً جميلين هكذا، أنما صار لها هذا الجمال بعد أن تقبلت (الكنيسة) قبلات العريس، وبعد أن جاءها ذاك الذي تحدث قلبلاً بالأنبياء. لقد طهر هذه الكنيسة لنفسه في جرن المياه، وجعلها بلا غضن أو دنس وأعطاها أن تعرف نفسها، بهذا صار خديها جميلين، فإن العفة والفضيلة والبتولية – الأمور التي لم تكن لها قبلاً – قد انتشرت فيها بجمال لذيذ خلال الكنيسة].
يُشير خد الحمامة إلى الوداعة والطهارة، فمن جهة الوداعة يوصينا السيد: "كونوا بسطاء كالحمام" (مت ١٠: ١٦)، أي لا تحملوا مكر العالم ودهاءه، وأما من جهة الطهارة، فإن هذا النوع من الحمام Turtle-dove الوارد في هذه العبارة يقول عنه العلامة أوريجانوس له طبيعة عجيبة، إن مات أحد الزوجين لا يقبل الطرف الآخر عوضًا عن المفقود...
يعلق العلامة أوريجانوس على هذا النص، قائلاً: [ينطبق رمز الحمامة Turtle-dove على الكنيسة تمامًا، أما لأنها لا تعرف أن تتحد مع آخر غير المسيح، أو لأن طيران الحمام يرمز للعفة والوداعة].
2. العنق المزين بقلائد:
عنق الإنسان – بغير زينة – غالبًا ما يُشير إلى غلاظة الطبع البشري، أما وقد تزين بمواهب الروح القدس فيصير رمزًا للجمال الروحي والرقة في احتمال الآخرين... هذه هي القلائد (الكردان أو العقد) الكنيسة! فقد كان عنقنا يحمل عارًا وخزيًا بسبب عصياننا وكبريائنا. أما الآن فصار يحمل نير المسيح، ويقبل طاعته، فصار له الجمال الروحي الفائق.
3. الذهب والفضة:
جاء في الترجمة السبعينية: "نصنع لك شبه ذهب مع مرصعات من الفضة، ما دام الملك على مائدته". فالكنيسة في العهد القديم لم يكن لها ذهب بل شبه الذهب ومرصعات من الفضة، أما وقد اتكأ الملك على مائدته صار لعروسه "الذهب".
إذ اتكأ الرب الملك على صليبه صار لنا "الذهب" أي "الحياة السماوية" بعد أن كنا نعيش قبلاً في شبه السمويات، "شبه الذهب"، خلال الرموز والظلال (غلا ٣: ١٩؛ عب ١٠: ١؛ ١ كو ١٠: ١١).
ويرى بعض الآباء أن كنيسة العهد القديم كانت تتمتع بشبه الذهب مع مرصعات الفضة، أي تتمتع بالناموس والأنبياء حيث كانت عفة الزيجة والترمل هي دستور الحياة، أما وقد جاء الملك البتول واتكأ على مائدته بعث في أعضاء جسده أمكانية "حياة البتولية" التي هي "شريعة السماء"، حيث هناك لا يزوجون ولا يتزوجون