أضواء على "أعطوا ما ليقصر ليقصر وما لله لله"
بقلم دكتور وحيد حسب الله
عندما قام بعض النشطاء الأقباط في الداخل بالدعوة لإضراب قبطي يوم 11 سبتمبر عيد رأس السنة القبطية احتجاجاً على ما يتعرض له الأقباط من اضطهاد واضح من قبل الدولة والجماعات الإسلامية الإرهابية بدعم من أجهزة وزارة الداخلية ، وقد أيد الدعوة للإضراب المنظمات القبطية في الخارج. صرح بعض آبائنا الأساقفة والكهنة بأنهم ضد هذا الإضراب وأقحموا أسم الكنيسة في تصريحهم بأن الكنيسة ضد ذلك وأن قداسة البابا (والذي لم يصرح شخصياً بأنه ضد هذه الخطوة) ضد ذلك. إن مثل هذه التصريحات صادمة للرأي العام القبطي وأن بعض رجال الكنيسة تركوا رسالتهم الكهنوتية والرعوية وتفرغوا للهجوم اللاذع على الشعب القبطي ، بل هجومهم لم يسلم منه القمص متياس نصر الذي لم يؤيد فقط الدعوة بل أعتصم في الكنيسة مع المئات من الشعب القبطي ليعبروا عن غضبهم ليس فقط تجاه تقاسع الدولة في حماية المواطنين الأقباط ، بل المشاركة السلبية والإيجابية في اضطهاد الأقباط.
لذلك فكرت كثيراً في قول الرب يسوع في إنجيل القديس متى 22 :21 "فقال لهم إذاً اعطوا ما ليقصر ليقصر وما لله لله" : وهذا يعني بوضوح أن يقوم الإنسان المؤمن بتأدية واجبين الواحد تجاه قيصر أي الحاكم وأجهزته والآخر تجاه الله فيما يخص علاقته به. وأن ما نستطيع أن نستنتجه من هذه الآية أيضاً أن دور الكاهن والراعي الذي يقوم بخدمة رعية السيد المسيح له المجد أن يهتم بحياة رعيته الروحية وعلاقتها بالله ، وأن يترك لإفراد الرعية أن يتولوا بأنفسهم علاقتهم مع القيصر وأن يرفضوا القيام بدور الوصي عليهم فيما يخص تلك العلاقة . لأنه من الصعب على الراعي أن يقوم بخدمة سيدين إما أن يخدم الله بأمانة ويشهد للحق أو أن يجامل القيصر وأن يستخدم وظيفته الكهنوتية الرعوية في الضغط على الرعية لقبول ما يمليه عليه القيصر.
إن كان هناك مبدأ لا دخل للدين بالسياسة والسياسة بالدين ، فنحن نستعجب من بعض آبائنا الذين يقولون في الصحف بهذا المبدأ ثم في نفس الوقت يتدخلون فيما يقوم به الأقباط من مواقف للاحتجاج على ما يلحق بهم من أذي على أيدي أجهزة القيصر وأذنابه فيما يخص حقوقهم المدنية والدستورية. أن الخلط الواضح بين الدين والسياسة وعدم وضوح رؤية الحدود الفاصلة بين الاثنين لدى آبائنا الأساقفة والكهنة ، يجعلنا في حيرة من إن ذلك ربما يؤدي إلي نفور الشعب من الكنيسة ورجاله .
أن الحقوق المدنية والدستورية للأقباط يجب أن يتولوهم هم بأنفسهم حتى ينأوا عن أن تدان الكنيسة بتدخلها في شئون القيصر وتخلق بذلك البلبلة وتضر بما يقوم به الأقباط من مواقف للحصول على حقوقهم من خلال القنوات الشرعية وما ضمنه الدستور بالقيام بالاحتجاج أو الإضراب أو الاعتصام (كما حدث في بعض حالات خطف البنات القبطيات بالاعتصام أمام مديرية الأمن حتى عودة البنت المخطوفة) ***ائل شرعية للتعبير يضمنها الدستور والقانون.
من ناحية أخرى ، وهذا عتاب لآبائنا الأساقفة الأجلاء والكهنة الأفاضل بأن يتكلم كل منهم ويصرحوا بأن "الكنيسة" ترفض أو تشجب أو تتهم هذا وذاك بأنهم عملاء وخونة وباحثين عن الشهرة : أيها الآباء الأجلاء لا يحق لكم أن تتكلموا بمفردكم بأن الكنيسة كذا وكذا. هل نسيتم أن من يحق له أن يتكلم باسم الكنيسة هو المجمع المقدس وأن يصدر ذلك عقب اجتماع بتصريح رسمي؟
ليقل لنا هؤلاء الآباء أصحاب التصريحات النارية في الصحف ماذا فعلتم لزميلكم في الخدمة الكهنوتية القس متأوس عباس وهبة والمسجون ظلماً بتهمة ملفقة؟ بما أنكم تريدون أن تفرضوا وصاياتكم على الأقباط في علاقتهم بالقيصر ، لماذا لم تتصلوا بالقيصر وتقولوا له إن ما صدر عن المحكمة في حق زميلكم هو ظلم واضطهاد واضح ويجب عليك أيها القيصر أن تتدخل ليفرج عنه فوراً؟ أما أنكم تتقنون فقط إدانة من يطلبون برفع الظلم عن زميلكم في الخدمة والشعب القبطي؟ لماذا تتحركون فقط لدي القيصرعندما تكون هناك حالة تمس مهابة كهنوتكم كما حدث في حالة وفاء قسطنطين؟
[size=16]رحمة بنا أيها الآباء الأجلاء وبالشعب القبطي واتركونا نتعامل مع القيصر طبقاً لحقوقنا الدستورية والقانونية ومن خلال المنظمات الحقوقية القبطية المدنية ومنظمات العمل المدني[size=16]اهتموا أولاً بتوفير الرعاية الروحية والرعوية الحقيقية للشعب القبطي لنموه الروحي في علاقته مع الرب يسوع ، أما قيصر فاتركوه لنا.
تاريخ نشر الخبر : 18/09/2009