ومن خطورة أخطاء اللسان:
(1) أن الكلمة التي تخرج من فمك لا تستطيع أن تسترجعها أبداً. وربما تندم عليها، أو تحاول تبريرها أو الاعتذار عنها. ومع كل ذلك كل ما تقوله قد سمعه غيرك بكل ما يحمل السماع من تأثرات. وهنا تختلف خطايا اللسان عن خطايا الفكر والقلب التي هى في داخلك القاصرة عليك وحدك ولم تنكشف للآخرين.
(2) خطورة أخرى من خطايا اللسان هى تأثيرها على السامعين. ولنفرض مثلاً أن مشاعرك ساءت من جهة إنسان، ومازال الأمر داخل قلبك لم يصل بعد إلى مَن فكَّرت بالسوء من نحوه. فإلى هنا لا تسوء العلاقة بينك وبينه. أمَّا إن كشفت مشاعرك بألفاظ أساءت إليه، فمن الصعب أن تعالج الأمر. لم يعد الأمر حينئذ قاصراً على خطية داخلك، إنما تطور إلى علاقة خارجية. ورُبَّما تحاول أن تصلح هذه العلاقة فلا تستطيع. أو أن تصالح مَن سمع اساءتك إليه فيرفض ذلك، لأنَّ ردود الفعل التي حدثت نتيجة كلماتك، مازال تأثيرها يعمل داخل قلبك. وقد لا يعرض الأمر بسلام، لأنَّ كلامك قد سمعه آخرون. وهنا تتسع الدائرة. ويتحمس له الذين سمعوا، أو قد تتغير قلوبهم من نحوك، أو قد يرد عليك بالمثل .. وفي كل ذلك ربما تؤخذ عليك فكرة لا تعجبك ولا تستطيع أن تغيرها.
وبقدر ما يكون كلامك جارحاً، فعلى هذا القدر يكون تأثيره أعمق. وقد يزداد التأثير إن كانت لهجة صوتك تماثل قسوة ألفاظك. وقد يدخل كل ذلك لذاكرة الناس رُبما لا تنسى.
?? خطورة أخرى لأخطاء اللسان: وهى أنك قد تخطئ وتندم وتتوب، ولكن أخطائك تسبب ردود فعل وخطايا لغيرك قد لا يتوب عنها. وقد تسبب لغيرك عقداً نفسية من جهتك أو من جهة أمثالك. ويغرس كلامك في قلوب البعض شكوكاً بمَن قد شهَّرت بهم. وتكون أنت المسئول عمَّا سببَّته لغيرك من أخطاء على الرغم من توبتك.
وإن كان ما أخطأت به بلسانك ليس اساءات للناس، إنما حكايات ماجنة وكلمات بذيئة، صار يرددها مَن سمعها منك على الرغم من توبتك. وتكون أنت على الرغم من التوبة مسئولاً عن خطايا لسانك بالنسبة لغيرك.
وأحياناً يكون خطأ لسانك مثالاً خاطئاً قدمته لِمَن هو أصغر منك وصار يتبعه. ورُبَّما تغير أنت تعليمك الخاطئ. بينما يستمر بعض السامعين في ترديده، وتكون مسئولاً عنه. فماذا يكون موقف ضميرك حينئذ؟
?? إن خطايا اللسان ليست عقيمة، فما أكثر أولادها ... ولا شكَّ أن الكلمة مسئولية، سواء إن سُمِعَت أو كُتِبَت. وسعيد مَن يشعر بهذه المسئولية، ويقدرها حق قدرها
(البابا شنودة الثالث