المجتمع : لماذا لا تتبع المسيحية شريعة العهد القديم ، بينما هى لم تنقضها حسب قول السيد المسيح " لا تظنوا إنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء 0 ما جئت لأنقض بل لأكمل ؟؟
المسيحى : عبارة إنه جاء ليكمل ، لها معنيان :
الأول : إنه جاء يكمل فهم الناس للشريعة
فاليهود ما كانوا على فهم سليم للشريعة حتى أن شريعة السبت مثلا ، كانوا يفهمونها بطريقة حرفية بحتة ، فلا يعمل الإنسان أى عمل فى السبت ، حتى فعل الخير لدرجة أنه حينما قام السيد المسيح بمعجزة كبيرة ، فى يوم سبت ، وهى منح البصر لشخص مولود أعمى ، قابلوا هذا الإنسان بعد أن أبصر و قالوا له إن الذى شفاه إنسان خاطئ !! ( يو 9 : 24 ) لمجرد إنه صنع المعجزة فى يوم سبت !! و قد جادلوا المسيح فى عناد عن " هل يحل الإبراء فى السبوت ؟ لكى يشتكوا عليه ( مت 12 : 10 ) و ما أكثر المجادلات التى دخلوا فيها الحل مشكلة " هل يحل فى السبت فعل الخير ؟! " ( لو 6 : 9 ) ( مت 12 : 12 )
فماذا كان تكميل فهمهم فى وصية عين بعين و سن و بسن ؟
وصية " عين بعين ، وسن بسن " كانت للأحكام القضائية ، وليست للمعاملات الشخصية 0
بدليل أن يوسف الصديق لم يعامل أخوته بوصية " عين بعين ، وسن بسن " و لم ينتقم لنفسه من الشر الذى صنعوه به ، و إنما اكرمهم فى مصر ،و وأسكنهم فى أرض جسان ، و اعتنى بهم ( تك 50 : 17 – 21 ) 0
و داود النبى لم يكافئ شاول شراً بشر ، بل احترمه فى حياته 0 و فى وفاته رثاه بعهبارات مؤثرة ( 2صم 1 : 17 – 25 ) 0 وأحسن إلى كل أهل بيته
ثانيا : عبارة يكمل تعنى أيضاً يكمل لهم طريق السمو و القداسة
و بخاصة لأن العهد الجيد بدأت تزول فيه العبادة الوثنية التى كانت منتشرة طوال العهد القديم وعمل الإيمان فى قلوب الناس ، إلى جوار عمل الروح القدس فيهم ، و مؤازرة النعمة لهم فكان يمكن لهم أن يتقدموا فى حياة الروح ويسلكوا بسمو أعلى من ذى قبل
و تكملة الطريق الروحى ، لم يكن فيها نقض للقديم
*فمثلا قال لهم السيد المسيح " سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن 0 و أما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلى إمرأة ليشتهيها ، فقد زنى بها فى قلبه " ( مت 5 : 27 ، 28 ) 0 هنا الوصية القديمة " لا تزن " لا تزال قائمة لم تنقض 0 لكن اضيف إلى معنى اعمق ، هو عفة القلب و النظر و ليس مجرد عفة الجسد
*مثال آخر : قال السيد " قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ، ومن قتل يكون مستوجب الحكم أما أنا فأقول لكم إن كل من بغضب على أخيه باطلا ، يكون مستوجب الحكم " ( مت 5 : 21 ، 22 ) 0 هنا الوصية القديمة " لا تقتل " ، لا تزال قائمة لم ينقضها 0 ولكن أضيف إليها منع الغضب الباطل ، على اعتبار أن القتل خطوته الأولى هى الغضب 0 كما أن الزنى خطوته الأولى هى الشهوة فى القلب
* * *
إذن السيد المسيح لم ينقض العهد القديم بل شرح روح الوصية ، ومنع الخطوة الأولى إلى الخطية
ويعوزنا الوقت إن دخلنا فى كل التفاصيل بالنسبة إلى كل الوصايا ، فهذا يحتاج إلى كتاب كامل ، وليس إلى مجرد مقال أو إجابة سؤال 0
كذلك ليس العهد القديم فيه الوصايا العشر فقط ، إنما توجد فيه وصايا و تعاليم أدبية كثيرة كان فيها سمو كبير 0 وقد خفى ذلك على عديد من معلمى اليهود لذلك قال لهم السيد المسيح فى مناسبة أخرى :
" تضلون إذ لا تعرفون الكتب " مت 22 : 29 ) 0