قرأنا في الصحف مؤخراً(1) تقريراً صادراً عن منظمة الأمم المتحدة يعلن عن وجود أكثر من مليون حالة زواج عرفي في مصر
والزواج العرفى عبارة عن قطعة من الورق تُكـتَـَب عليها موافقة فتاة أو امرأة على الزواج من شاب أو رجل بشهادة شاهدين وبموجب هذه الورقة يَعتبر الطرفان أنهما تزوجا فعلأ وبالتالى من حقهما ممارسة الجنس.
وهذا العقد لا يُكتَب على يد مختص بكتابة عقود الزواج "رجل الدين" ولا يُوَثـَّق في الشهر العقارى وعادة ما يكون "في السر" والذى يقوم بكتابة هذا العقد (أو الورقة) الزوج العرفي أو أحد أصدقائه و يوقع عليه كل من الزوج و الزوجة العرفيين و بشهادة شاهدين وعادة ما يكونان من أصدقاء الزوج أو تابعيه.
هذا الزواج له مخاطر كثيرة و مريرة لذا نبحث هنا في حالة الفتاة التي قد تتزوج عرفيا (2) لعلها تفكر في الأمر قبل أن تتخذ قرارها المدمر.
هذا الزواج عادة يتم في الخفاء وبالتالى يخلق كثيراً من المشاكل للفتاة بعد نهاية العلاقة إذا تقدم لها عريس فماذا تفعل:
إنها لم تعد بكراً فهل تصارح عريسها؟ أم تبنى زواجها على الخداع؟
فإذا اختارت أن تخبر عريسها بهذه الزيجة العرفية السابقة فلماذا يرتبط بفتاة لم تكن أمينة على نفسها وهل سيحتفظ بسرها أم يُشَهِّر بها ؟ فإذا احتفظ بسرها فهل من الممكن أن ينسى زوج النزوات السابقة لزوجته؟!! ... أم أنها ستعيش في حالة احتقار وامتهان يومى لكرامتها ؟ وإذا شهَّر بها فهو يُشَهِّر بأسرتها ... ترى ما موقف أسرتها منها؟ هل ستلقى منهم التغاضي أم الانتقام لشرف الأسرة أمام المجتمع؟
ولو اختارت طريق الخداع ماذا ستكون النهاية إذا عرِِِف زوجها في المستقبل بهذه الزيجة العرفية ؟ هل سيتقبل الوضع أم أن الشك سيتسرب إلى قلبه وتصير حياتهما معاً لا تـُطـاق لينتهى بها المطاف إلى الطلاق ؟ وفي حالة جود طفل ما هو مصيره وإثبات نسبه؟ هل أبوه العرفى سيعترف به؟ وهل ستعترف به أسرة الزوج العرفى أم يتنكرون له؟ و كيف سيواجه هذا الطفل المستقبل بدون أب شرعى؟ وهل سيبحث عن أبوه محاولاً إقناعه ليعترف به؟ وهل سيستطيع أن يواجه المجتمع الذي يُطلق عليه "ابن زنا"؟
السبب الرئيسى لهذا الزواج هو إشباع الرغبة الجنسية دون النظر إلى المخاطر الناتجة (3) من كون الفتاة لم تعد بكراً وقد يحدث حمل من العلاقة غير المُعلنة وتصير مطمعاً للكثيرين وهدفاً مستمراً للملاحقة ، وكيف ستكون سمعتها بين زميلاتها اللاتى تنتظر كل منهن بتعقل العريس المناسب؟ وماذا تفعل عندما تسمع أن زميلاتها الأقل منها جمالاً وفرصة يرفضن عريساً بعد الآخر وهي تتلهف لأى فرصة زواج لتتستر على نزوتها؟
وهذا الزواج غير موَثـَّق وبالتالى ليس للزوجة العرفية حقوق من إرث ونفقة وغيرها ، إضافة للتعقيدات الكثيرة في إثبات النسب إذا وُجد أطفال. فماذا تفعل في حالة موت الزوج العرفي؟! وماذا لو أنه أخذ منها ما يريد ومزق الورقة وتخلى عنها؟ ما هى حقوقها ؟! أين نفقتها؟ أين الحب والكلام المعسول؟ انتهى كل شئ. ويهرب الزوج العرفى – كما يحدث عادة – لتجد نفسها في مواجهة العار بين أسرتها والمجتمع كله ويتركها فريسة سهلة ليبتزها غيره كما ابتزها هو أو لقصاص الأسرة وقد ينتهى بها الحال كفتاة ليل.
والزواج العرفي ترفضه المسيحية رفضاً تماماً فهو ليس زواجاً بل زنا مُقنـَّع ويتنافى مع الهدف الأسمى الذي أبدع الله الزواج من أجله. فالزواج نظام إلهى صممه الله ليرتبط رجل واحد وامرأة واحدة مدى الحياة يجمعهما الله في وحدة لا يصبحان فيها اثنين بل واحدأً فالزواج الكامل هو الوحدة بين ثلاثة الرجل والمرأة والله الشاهد على هذا الزواج مما يجعل الزواج مقدساً ومُعلناً في النور ورحلة حياة كاملة يكون فيها كل منهما معينا للآخر في كل أمور الحياة.
(1) إحصائيات صادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية بمصر بأن هناك 255 ألف طالب وطالبة في مصر متزوجون عرفياً، وبنسبة تصل إلي 17 % من طلبة الجامعات البالغ عددهم 5.1 مليون طالب وطالبة كما أن هناك 14 ألف طفل من مجهولي النسب هم نتاج هذا النوع من الزواج.
(2) كشفت دراسة أجراها المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر عن وجود 400 ألف حالة زواج عرفي سنوياًً.